رادوفان كراديتش: الطبيب والشاعر ومجرم الحرب في البوسنة

رفضت محكمة الجنايات الدولية التي تنظر في جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة الاستئناف الذي قدمه الزعيم السابق لصرب البوسنة رادوفان كراديتش وشددت من الحكم الصادر بحقه إلى السجن مدى الحياة.

وكانت المحكمة التابعة للأمم المتحدة والتي تتخذ من مدينة لاهاي الهولندية مقرا لها، قد أصدرت حكماً عام 2016 بسجن كاراديتش البالغ من العمر 73 عاما، بالسجن لمدة 40 سنة.

وأتهمته المحكمة بالمسؤولية المباشرة عن أبشع الجرائم في حرب البوسنة، والتي وُصفت بأنها أسوأ الجرائم التي ارتُكبت في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

والدة احد ضحايا مجازر البوسنة
والدة احد ضحايا مجازر البوسنة

 

وأدانته التحقيقات بارتكاب مجازر بحق الآلاف من مسلمي البوسنة والكروات. وواجه 11 تهمة بالإبادة الجماعية، وارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وغيرها من الفظائع التي ارتُكبت في حرب البوسنة في تسعينيات القرن الماضي. وتولى الدفاع عن نفسه في المحاكمة التي جرت بمقر المحكمة الجنائية الدولية.

وواجه كراديتش اتهامين بالتطهير العرقي، إحداهما مجزرة سربرنيتسا التي وقعت في يوليو / تموز 1995، وراح ضحيتها أكثر من 7500 رجل وطفل من المسلمين. ووصفتها الأمم المتحدة بأنها كانت جزء من حملة "لإرهاب وإبادة مسلمي البوسنة، وكروات البوسنة".

والاتهام الآخر بالتطهير العرقي يتعلق بطرد مئات الآلاف من المواطنين غير الصرب من سبع بلدات وقرى في البوسنة. وكانت هذه التهمة قد أُسقطت عنه في يونيو / حزيران 2012، لكن هيئة المحكمة أعادتها مرة أخرى في يوليو / تموز 2013.

واستمرت المحاكمة على مدار خمس سنوات، متبوعة بـ 18 شهرا من مداولات هيئة المحكمة. وتولى كراديتش الدفاع عن نفسه طوال 497 يوما من المحاكمة، إذ عكف على دراسة حوالي ثلاثة ملايين صفحة من الأدلة ضده.

وانتهت المحاكمة بالحكم على كراديتش بالسجن 40 عاما بعد إدانته بارتكاب جرائم تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية في الحرب البوسنية خلال العقد الأخير من القرن الماضي. قبل أن يستأنف الحكم.

كما اتُهم الزعيم الصربي السابق بالمسؤولية عن قصف العاصمة البوسنية سراييفو بالمدفعية، واستخدام 284 من أفراد قوات حفظ السلام كدروع بشرية في مايو / آيار ويونيو / حزيران 1995.

ردوفان كراديتش والزعيم العسكري لصرب البوسنة راتكو ميلاديتش
ردوفان كراديتش والزعيم العسكري لصرب البوسنة راتكو ميلاديتش

 

وفي المرافعة النهائية، قال كراديتش إنه لا يوجد أي دليل ضده، رغم أنه أقر كتابة "بمسؤوليته الأدبية" عن الجرائم التي ارتُكبت بصفته قائد لصرب البوسنة وقت وقوعها.

وتوارى كراديتش لمدة 13 عاما قبل القبض عليه في النهاية وتسليمه للمحكمة.

وعُثر عليه متخفٍ في بلغراد، يعيش باسم مستعار ويعمل بالطب البديل. وأصبح معروفا في المجال، حتى أنه كان يكتب عمودا ثابتا في مجلة باسم "الحياة الصحية".

وقد تنكر بارتداء نظارة وإطلاق لحيته.

شاعر وطبيب نفسي

ولد كراديتش عام 1945 في بلدة سافنيك، في الجبل الأسود. وكان والده، فوك، عضوا في كتائب القوميين الصرب. وكان الأب سجينا في فترة كبيرة من طفولة رادوفان.

أما والدته، جوفانكا كراديتش، فكانت تعتبر ابنها إنسانا مخلصا ومجتهدا، إذ اعتاد مساعدتها في المنزل وفي الحقل. كما قالت إنه كان فتى جادا، يحترم الكبار ويساعد زملائه في الدراسة.

وانتقل كراديتش إلى سراييفو عام 1960، حيث التقى بزوجته ليليانا، وتخرج في كلية الطب، وأصبح طبيبا نفسيا في مستشفى المدينة.

كما أصبح شاعرا، وتأثر بالكاتب القومي الصربي دوبريكا كوسيك، الذي شجعه على خوض غمار السياسة.