#وين_الفلوس هاشتاج يفضح بالأرقام والوثائق كيف حوَّلت المنظمات الدولية اليمن ساحة للإثراء

أثارت نفقات الأمم المتحدة وطريقة إدارتها للأزمة اليمنية الشُّكوك في أوساط اليمنيين وكبار الناشطين الحقوقيين، في ظل دلائل عدة تكشف مدى عمليات الفساد التي تُمارسها المنظمة الأمميّة والمنظمات التابعة لها.

وتصدر كبار الناشطين الحقوقيين هشتاقا في موقع التواصل الاجتماعي تويتر يحمل الوسم #وين_الفلوس يفضح بالأرقام والوثائق كيف حولت المنظمات الدولية اليمن إلى ساحة للإثراء.

وعمل الناشطون الحقوقيون على إرسال إيميلات إلى عشرات المنظمات المحلية والدولية والتابعة للأمم المتحدة للاستفسار عن المبالغ التي استلمتها وكيف ولمن صرفت، في ظل تصاعد الفقر والجوع والأوبئة، ما يدل على الفساد الكبير الذي ينخر منظمات الأمم المتحدة والتابعة لها، وأضحت معه متربحة من الحرب في اليمن وتعمل على إطالتها.

ونشر حقوقيون قائمة مترجمة ب96 منظمة دولية ومحلية، مصدرها موقع تتبع الأموال التابع للأمم المتحدة، استلمت أموال المانحين خلال 2018 باعتبارها مساعدات إنسانية للشعب اليمني. والمبالغ المسلمة لهذه المنظمات وصلت 2,652,595,525 دولار.

وكشفت مصادر موثوقة لوكالة "خبر" عن حجم الفساد المالي الكبير للأمم المتحدة وموظفيها العاملين في الجانب الإنساني في اليمن، من خلال عمليات تربُّح من وراء مشاريع وهميَّة لا تُعالج الجوانب الإنسانية سوى في حدودها الدنيا التي لا تتناسب وحجم المشاكل التي يتم تسويقها لجمع المبالغ من المانحين.

ويقول الناشط الحقوقي والصحفي محمد المخلافي، إن أصغر رقم من الأرقام الموجودة على يسار الجدول الذي يفضح مانهبته المنظمات خلال عام واحد فقط كافٍ لسد حاجة فقراء مدينة منكوبة لمدة شهر. مستغربا: فما بالكم بالأرقام الضخمة الموجودة أعلى الجدول!!

آلاف اليمنيين والناشطين الحقوقيين من داخل وخارج اليمن، أزعجهم ما يحصل من تلاعب بأموال تم استلامها باسم اليمن واليمنيين، وأزعجهم ما يرون من تقارير مهولة عن الفساد ولا يعلمون أين موقعه ومن يقوم به.

وتباعاً لذلك قاموا بهذه الحملة في موقع التواصل تويتر تحت الوسم #وين_الفلوس وطالبوا المنظمات بعرض تقاريرها التفصيلية ليعرفوا مصير هذه المبالغ.

ويقول الصحفي عادل النزيلي إن حملة #وين_الفلوس فضحت كيف حولت المنظمات اليمن إلى حراج كبير على حساب دم وروح الشعب اليمني.

لا تقلقوا لسنا كائنات غريبة

الغريب أن معظم المنظمات لم ترد على الإيميلات التي أُرسلت إليها.

لكن إحدى المنظمات ردت على أحدهم عن طريق الواتس، وهو ما يعدّ تهرّبا ومخالفة لأبجديات الشفافية والتواصل الفعّال.

ويقول حساب يحمل اسم (فداء)، إن إحدى المنظمات ردت على أحدهم بالواتس:

وكشف الحقوقي رياض الدبعي، مؤسس مشارك ومسئول وحدة الرصد والتوثيق في تحالف رصد، أن 96 منظمة دولية ويمنية استلمت خلال 2018 مبلغ 2,652,595,525 مليار دولار، فيما بلغت ميزانية الحكومة اليمنية في نفس العام 2.22 مليار دولار.

وأضاف الدبعي أن المدرسة الديمقراطية لحقوق الطفل، وهي منظمة مقرها صنعاء ورئيسها جمال الشامي، استلمت خلال عام 2018 مبلغ 699,529 دولار ولم تصدر هذه المنظمة أي تقرير عن انتهاكات حقوق الأطفال في اليمن خلال السنوات الماضية. ومعظم المنح للمنظمة أتت من منظمة اليونيسف مكتب اليمن.

ويقول الناشط الحقوقي علي الفقيه إن المبالغ المهولة التي استلمتها منظمات الإغاثة باسم اليمن تجعلك تدرك سر حرصها على إطالة أمد الحرب، مشيرا أن 2,6 مليار دولار خلال 2018 استلمتها المنظمات دون أن يبين لها أثر على الأرض. وكشف الفقيه أن المنظمات تأخد من هذه المبالغ 30% مصاريف إدارية ورواتب موظفيها.

ولم يرد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة على طلب للتعليق، لكن مصدرا أمميا كشف لوكالة "خبر" أنَّ فساد منظمات الأمم المتحدة وصل مستوى عالياً من الاحتيال على المبالغ المالية الكبيرة التي تمّ التبرع بها لليمن من قبل الدول المانحة لليمن، وقالت إنَّ ذلك أحد الأسباب التي تسهم في تورُّط الأمم المتحدة في إطالة أمد الحرب في اليمن.

وقال المصدر الأممي، الذي فضل الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بالتصريح، إن المنظمة الأممية تدفع مبالغ طائلة لتأمين السكن لموظفيها، فضلاً عن بدلات أخرى تتمثل في بدل مخاطر، خصوصاً أن اليمن تعد منطقة خطر بالنسبة لهم، ناهيك عن تكاليف إيصال المساعدات إلى مناطق الصراع، والتي قالت الأمم المتحدة إنها باهظة جداً.

وأدرج حساب يحمل اسم (فداء) قائمة بإحدى المنظمات في امريكا، لافتا أن هذه المنظمة ترفع التقارير المالية لكل السنوات على موقعها الإلكتروني بحيث يطّلع عليها أي واحد وبكل شفافية.

ومنذ اندلاع الحرب في اليمن وصل حجم المبالغ التي حصلت عليها الأمم المتحدة من مؤتمرات المانحين لليمن نحو ثمانية مليارات دولار من إجمالي 12.4 مليار دولار أعلنت الأمم المتحدة عن حاجتها لتغطية مشاريعها الإنسانية في اليمن.

ومنحت الأموال لعشرات الوكالات التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والمؤسسات غير الحكومية المحلية، ومن بين أكبر المنظمات التي تلقت الأموال: برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة اليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية، والمفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وكشفت جمعية حماية المستهلك فضيحة فساد لبرنامج الغذاء العالمي تتمثل في تفريغ 32 ألف طن من القمح الأمريكي المنشأ منتهي الصلاحية في ميناء عدن.

وقالت الجمعية، إنه وعلى الرغم من تعفن القمح على ظهر الباخرة وعدم صلاحية استهلاكه، إلا أنه تم تفريغه وتعبئته في أكياس تمهيداً لتقديمه كمساعدة للمواطنين اليمنيين، مع أنه كان يفترض، بل ويجب إعادته إلى مصدره كونه متعفناً وغير صالح للاستخدام الآدمي.

ودعا الناشطون الحقوقيون الحكومة اليمنية وفورا المطالبة بوضوح بكشف حساب عن أنشطة المنظمات الدولية العاملة في اليمن ومعرفة مصير المليارات من الدولارات من قبل المانحين حتى لا تكون شريكا في أكبر عملية نصب في تاريخ الأمم المتحدة.

وكانت منظمة اليونيسيف أعلنت عن تنفيذ برنامج الحوافز النقدية للمعلمين في المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي بمقدار 50 دولاراً في الفترة التي كانت أسعار الصرف وقتها بنحو 595 ريالاً للدولار الواحد بما يعادل 29 ألفاً و750 ريالاً بينما استلم المعلم الواحد مبلغ 24 ألفاً و200 ريال بما يعادل 40 دولاراً بخصم مقداره 10 دولارات.

مصادر وكالة خبر أفادت أن المبلغ الذي تم رصده كحوافز نقدية للمعلمين بلغ 7 ملايين دولار يتوزع على 140 ألف معلم، بينما وصل المبلغ المستقطع إلى مليون و400 ألف دولار للشركة اليمنية الوسيطة التي قامت بتوزيع المبلغ على المعلمين، إضافة إلى 700 ألف دولار مصاريف تشغيلية للجهات التي قامت بعمليات مسح والتحقق من كشوف المعلمين، وكذا 2 مليون دولار نفقات تشغيلية لموظفي المنظمة القائمين على هذا المشروع ليصل إجمالي المصروفات 4 ملايين و100 ألف دولار من إجمالي 7 ملايين تم رصدها لهذا المشروع بما يفوق نسبة 50 بالمائة.

وأكدت المصادر أنّ منظمة اليونيسيف تتربح من خلال قيامها بهذه العمليات، فسعر العملة الصعبة تضاعف وسيتم تسليم المواطن البسيط المبلغ السابق نفسه، ما يعني سرقة ملايين الريالات لصالح المنظمة أو لصالح أفراد يعملون لصالحها.

ثقب أسود

ويقول الصحفي علي الفقيه، إن المنظمات الدولية تعمد إلى اعتماد وكلاء محليين تتبع نافذين حوثيين لتحصل على تسهيلات مقابل التغاضي عن تصرف الحوثيين بالإغاثة كمجهود حربي أو بيعها في السوق السوداء، وذلك ما أفصح عنه برنامج الغذاء العالمي بعد أن زادت نسبة المسروقات من الإغاثة المقدمة عبره عن 70%.

وكشف الفقيه أن المنظمات "تسرق" من المساعدات أكثر من 50% كفارق سعر الصرف حيث يتم تحويل الفلوس عبر بنوك أهلية وتحسب قيمة صرف الدولار من (215 ريالا) بينما السعر الحقيقي وصل إلى 700 ريال.

واتهمت مصادر اقتصادية وحقوقية الأمم المتحدة بتبديد مبالغ المانحين في أجور مساكن وسيارات، وتذاكر سفر، فيما تعادل الرواتب الشهرية للخبراء الأمميين في اليمن أضعاف رواتب كبار المسؤولين في الحكومات الأمريكية والأوروبية، ناهيك عن عمليات السمسرة والمتاجرة بالمبالغ النقدية بالاشتراك مع شركات صرافة محلية.

وذكرت أنَّ المساعدات المالية الدولية الواردة لليمن عبر المنظمات الإنسانية تصل بالدولار الأمريكي، لكنها لا تدخل الحسابات البنكية إلا بعد مرورها بعمليات صرف في السوق السوداء، وهو ما يفقد هذه المساعدات نحو 54 % من قيمتها.

ويقول مراقبون حقوقيون واقتصاديون إن هذه المليارات الدولارات من المساعدات لم تمنع من وقف تهاوي الريال وارتفاع الأسعار، وزيادة معدلات البطالة، مشيرين انه غالبا ما يتم توجيه المساعدات نحو حلول طارئة، قصيرة الأجل، وتبدو المكاسب الاقتصادية من منها محدودة وأحيانا معدومة، وليس لها تأثير في الحد من الفقر، ولا يستفيد المحتاجون بقدر استفادة أطراف الصراع التي تقوم بتوزيعها على الموالين وعلى أفرادها في الجبهات أو يتم بيعها.

ويؤكد مراقبون أن أغلب أموال المساعدات التي وصلت إلى اليمن سواء من مؤسسات دولية أو دول مانحة تسربت، وتلاشت عن أعين المحتاجين على يد منظمات محلية أهلية وأشخاص نافذين، لدى جماعة الحوثيين.

وحسب مراقبين، فإن المكاسب الاقتصادية من المساعدات الإنسانية محدودة للغاية، وأحياناً معدومة؛ كونها مساعدات غذائية عابرة، وليس لها تأثير في الحد من الفقر، إذ لا يستفيد المحتاجون منها بقدر استفادة أطراف الصراع التي تقوم بتوزيع معونات الإغاثة على الموالين لهم، بل وصرفها أحياناً على جبهات القتال أو يتم بيعها في السوق السوداء وتخلق تجارة داخل النشاط الاقتصادي الموازي.

ويقول الناشط الحقوقي صلاح الحبيشي، إن الأرقام الفلكية التي صرفت على المنظمات اليمن خلال الأربع السنوات الماضية كانت كفيلة بتقوية الاقتصاد اليمني أفضل مما كان عليه قبل الحرب.

ويؤكد مراقبون أن حجم المساعدات التي تقدم للناس قياساً مع حجم المشكلة التي يتم تسويقها ضئيل جداً وليست بالمستوى الذي يغطي احتياجات الناس، ناهيك عن أنَّ اليمن ليست بحاجة إلى مساعدات عينية بقدر حاجة البلاد إلى المساعدة في انتعاش الوضع الاقتصادي من أجل توفير فرص العمل للناس، وهذا سيعود بالنفع على مئات الآلاف من الأسر.