اجماع عراقي على قيام طائرة اسرائيلية بقصف معسكر الحشد الشعبي

قصفت طائرة مسيّرة مجهولة قاعدة عسكرية لقوات الحشد الشعبي شمالي العاصمة العراقية بغداد، الأمر الذي يعدّ ضربة موجعة للحشد المكوّن في غالبيته العظمى من ميليشيات شيعية لا تزال عصيّة عن الخضوع لسلطة الدولة العراقية، رغم إعلان رئيس الوزراء مؤخّرا عن نيته إعادة هيكلة تلك القوات وإخضاعها لإمرته كقائد عام للقوات المسلحة، وهو إعلان اعتبر صوريا وغير قابل للتطبيق.
 
وبحسب ما أعلنته قيادة العمليات المشتركة الجمعة في بيان، فقد أسفر القصف الذي استهدف فجر الجمعة معسكر الشهداء في منطقة آمرلي التابع لـ”الوحدة 16 حشد شعبي” والواقع بمحافظة صلاح الدين، عن إصابة شخصين.
 
واجمعت مصادر سياسية عراقية على أن الطائرة المسيرة التي نفذت الهجوم على معسكر للحشد الشعبي إسرائيلية، لا سيما بعد نفي الجيش الأميركي، علمه بالهجوم.
 
وشكل رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي لجنة تقصي حقائق مكونة من القوات الجوية العراقية وهيئة الحشد الشعبي لمعرفة حقيقة ماجرى.
 
وتحدثت مصادر محلية عن خسائر بشرية ومادية أكبر، مؤكّدة أن المعسكر المستهدف كان يضم إلى جانب عناصر ميليشيا بدر، خبراء من الحرس الثوري الإيراني، ومقاتلين من حزب الله اللبناني كون المعسكر يحوي مخازن لأسلحة إيرانية متنوّعة من بينها صواريخ ومنصات إطلاق معدّة للتهريب إلى سوريا ولبنان، إضافة إلى ورش لتجميع أجزاء تلك الصواريخ.
 
وسارعت وزراة الدفاع الأميركية “البنتاغون” إلى نفي أي علاقة لها بقصف معسكر الحشد. وقال الميجور شون روبرتسون المتحدث باسم الوزارة في بيان إن “القوات الأميركية غير متورطة” في هذا الحادث.
 
وأضاف “لدينا معلومات بأن هناك هجوما محتملا.. وليس لدينا معلومات أخرى”.
 
وتؤكد إيران رسميا أن لا وجود عسكريا لها في العراق، لكن العديد من الخبراء يشيرون إلى تواجد مستشارين عسكريين يدربون مقاتلين عراقيين، خصوصا من فصائل الحشد الشعبي التي كان مشاركتها حاسمة في دحر تنظيم داعش.
 
وللولايات المتحدة قواعد عسكرية عدة في العراق أيضا، وتقوم بتدريب القوات النظامية العراقية ضمن التحالف الدولي.
 
وقال خبير أمني عراقي فضّل عدم ذكر اسمه إنّ الضربة مؤلمة للحشد الشعبي وحلفائه الإيرانيين واللبنانيين سواء كان المسؤول عنها تنظيم داعش، أو أي جهة أخرى معنية بمواجهة الوجود الإيراني في العراق.
 
وشرح الخبير ذاته إنّ وقوف داعش وراء عملية القصف يعني فشل الحرب التي شارك فيها الحشد الشعبي في اجتثاثه وأنّه ما يزال موجزدا بقوة وقادرا على تطوير وسائله بإدخال الطائرات المسيرة ضمن أسلحته ما سيشكّل خطرا أمنيا كبيرا في المستقبل.
 
أمّا في حال وقوف الولايات الممتحدة وراء الضربة فإن ذلك سيكون، وفق المتحدّث ذاته، أشدّ إنذار توجّهه واشنطن للفصائل الشيعية العراقية ولإيران من خلفها بأنّها ستكون مستقبلا على لائحة الاستهداف في حال فكّرت إيران في استخدامها ضدّ الوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية.
 
وخلال الفترة الماضية تعرض عدد من القواعد العراقية التي تستضيف قوات أميركية لهجمات بالصواريخ لم تعلن أي جهة المسؤولية عنها.
 
وجاء هجوم آمرلي وسط تفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وإيران. وينظر للعراق على أنه ساحة محتملة لأي مواجهة إقليمية بين الغريمين بسبب نشاط جماعات مسلحة شيعية تدعمها إيران بالقرب من قواعد تستضيف قوات أميركية.
 
وينشط عناصر تنظيم داعش أيضا في المنطقة التي يوجد بها معسكر الشهداء وفي الكثير من المناطق النائية بشمال العراق رغم أن التنظيم فقد سيطرته على تلك الأراضي.
 
وكان أعلن مؤخّرا عن شنّ عملية عسكرية واسعة النطاق لملاحقة عناصر التنظيم بمناطق شمال وغرب العراق تحت مسمّى “إرادة النصر” وبمشاركة ميليشيات الحشد الشعبي.
 
وقال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة يحيى رسول إنّ هدف من العملية تطهير مناطق تقع بين محافظات شمالي العراق وغربه وصولا إلى الحدود مع سوريا، مضيفا أن العملية مستمرة من أجل تحقيق أهدافها في تفتيش صحراء العراق التي تربط ثلاث محافظات هي صلاح الدين ونينوى والأنبار وصولا إلى نقطة النهاية وهي الحدود مع سوريا.
 
وأشار إلى تحقيق العملية لعدّة نجاحات حيث تمكّنت القوات المشاركة فيها من تدمير العديد من الأنفاق والكهوف، إضافة إلى مواقع لوجستية للإرهابيين والسيطرة على المركبات المفخخة ووثائق مهمة، وقتل واعتقال إرهابيين.
 
ولفت إلى وصول القوات العراقية لمناطق مهجورة منذ سنين، كان داعش يستغلها قبل أحداث 2014، وكانت مركزا مهما للتدريب والتخطيط، ومنها انطلقت العمليات الإرهابية في كثير من مدن العراق. وأوضح أن الغاية من العمليات هي التطهير، وإرسال رسالة إعلامية دقيقة وواضحة لداعش، بأن العراقيين مستمرون بملاحقة الإرهاب.
 
وفي حال مسؤولية التنظيم عن قصف معسكر آمرلي، فإن العملية تكون بمثابة رسالة مضادة من داعش للقوات العراقية، وخصوصا للحشد الشعبي.
 
وأعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي قبل أسابيع عن قراره إعادة هيكلة الحشد وتوحيد سلاحه تحت راية القوات النظامية، ورغم ذلك فقد شارك الحشد في عملية “إرادة النصر” كهيكل مستقل خاضع لأوامر قادته وأصدر بياناته الخاصة عن العملية.
 
ولوحظ خلال الفترة الأخيرة تزايد نشاط تنظيم داعش في المناطق الحدودية مع سوريا وتحديدا بمحافظتي نينوى والأنبار بعد ورود أنباء عن فرار المئات من عناصر التنظيم الذي تلقّى آخر هزائمه على يد المقاتلين الأكراد المدعومين أميركيا في منطقة الباغوز بالشرق السوري إلى الأراضي العراقية.
 
كما ازدادت عمليات التنظيم في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين شمالي العاصمة العراقية بغداد، حيث نفّذ سلسلة عمليات استهدفت عناصر أمن ومدنيين.‎
 
ولايزال داعش يحتفظ بخلايا نائمة موزعة في أرجاء العراق واتّجه تدريجيا نحو أسلوب شنّ هجمات خاطفة على طريقة حرب العصابات.
 
وتكتسي المناطق المستهدفة بعملية إرادة النصر والواقعة بشمال وغرب العراق على الحدود مع سوريا أهمية خاصّة جعلت ميليشيات الحشد الشعبي تتشّبث بدور ميداني فيها وتشارك بفعالية في أي عمليات عسكرية تدور على أرضها، ذلك أنّها تمثّل نقطة الربط بين سوريا والعراق، وهي بالتالي جزء من الطريق الذي عملت إيران على مدّه بين أراضيها نحو ضفّة البحر الأبيض المتوسّط مرورا بالأراضي العراقية فالسورية واللبنانية.
 
ومعروف عن الميليشيات الشيعية في العراق ولاؤها لإيران وانخراطها في صراعاتها وعلى رأسها الصراع مع الولايات المتحدة التي تحتفظ بقوات محدودة العدد على الأراضي السورية والعراقية.