منطق الإخوان في دعم أردوغان!

كيف يمكن فهم منطق بعض العرب الذين يؤيدون الغزو التركي لشمال شرق سوريا هذه الأيام؟!
 
جماعة الإخوان وبعض جماعات الإسلام السياسي، أعلنت انحيازاً إلى الغزو والعدوان التركي منذ اللحظة الأولى، بل أن «إخوان سوريا» دخلوا كغزاة على الدبابات التركية.
 
كنت أعتقد أن الإخوان مضطرون لهذا السلوك بحكم أن بعضهم يعيش في تركيا، أو يتلقى منها دعماً وتمويلاً، لكن الإعلامي الكبير حسام السكري المدير السابق للقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية، كتب منشورا على صفحته في الفيسبوك يوم 12 أكتوبر الجاري بعد بدء الغزو أراه مهماً جداً، لأنه يفضح حقيقة المعايير المزدوجة لكثير من الذين يقولون إنهم ضد الظلم والعدوان.
 
السكري كتب يقول: «مدهش جداً أن الإنسان الذي كان ضميره يؤرقه على النساء والأطفال «الذين يلقى بهم في أتون الحرب وفظائعها المرعبة» يتحول إلى سياسي جيوبوليتيكي كوول في نفسه!!!
 
وبعدما كان كتلة من العواطف الإنسانية الجياشة الملتهبة يبدأ «يعقلن» المسائل «بعيداً عن العواطف» ويرى أن غزواً داخل حدود دولة أخرى يتم فيه تهجير عائلات وحرق بيوت وقصف قرى من أجل تغيير طبيعتها السكانية على أقل تقدير، مسألة مفهومة لأن «الراجل بيحمي حدوده يا أخي»، أو أنه يقوم بتدخل خيري محمود لصالح السوريين «العرب» من أجل «نصرة قضيتهم» في مواجهة «الأكراد» اللي هم مش سوريين خالص»!!!!
 
السكري لم يذكر اسم الإخوان فيما كتبه، لكن عدداً منهم دخل مستنكراً ومبرراً، بل ومزايداً على تأييد أردوغان.
 
أحد المعلقين، قال إن أنصار الإخوان، صرخوا كثيراً ضد ما فعله الجيش السوري في حلب مثلاً. كانوا يصرخون قائلين: «حلب تحترق. فمن ينقذها». لكن هذه المرة حينما دخل الجيش التركي المدن السورية، وفعل ما فعله الجيش السوري في حلب، لم نسمع منهم أحداً يقول الحقونا هذه المدينة أو تلك تحترق!!!
 
بالطبع بشار الأسد حينما قصف حلب، فعلى الأقل كان لديه حجة ومبرر، بأنه يحاول إعادة هذه المدينة للشرعية ضد مجموعات مسلحة أو إرهابية استولت عليها، وبالتالي لا يمكن أن نضعه في كفة واحدة مع أردوغان حتى لو اختلفنا مع مجمل سياساته.
 
المبرر الأكبر الذي استخدمه أنصار الإخوان أن الأكراد سبق لهم اضطهاد وتعذيب السكان العرب في المدن التركية في القامشلي والحسكة.
 
والرد على هذا الأمر بفرض صحته هو الآتي: هل حينما تتعرض للاضطهاد فإن ذلك يعطي لك الحق في اضطهاد غيرك، وهل تعارض الإبادة الجماعية، إذا تمت ضد أنصارك في حلب وإدلب وحماه، وتوافق عليها إذا تمت ضد خصومك في المدن الكردية؟!
 
ينسى الإخوان أن الأكراد مثلهم، كانوا يعارضون بشار الأسد ونظامه، ومثلما سيطر الأكراد على مدن في شمال وشرق سوريا، فإن الإخوان وأنصارهم لا يزالون موجودين في أدلب تحت الحماية التركية.
 
ويبرر الإخوان منطقهم بأن الجيش التركي حرر أسر ونساء أبناء العشائر العربية الموجودين في الزنازين الكردية، وأن هذه المدن كان ممنوعاً على العرب دخولها!! منطق غريب لأن ما نعرفه أن غالبية المساجين هم فعلاً عرب، لكنهم أعضاء وكوادر في تنظيم داعش، أو التنظيمات الإرهابية الأخرى، التي كانت تتحالف معه واستطاع الأكراد هزيمتها وتطهير شمال شرق سوريا منها.
 
المنطق الذي يتحدث به أنصار جماعة الإخوان مرعب لأنه يعني أنهم صاروا أكثر وحشية، وحينما يختلفون مع هذا المسؤول أو ذاك بحجة أنه مستبد، فإنهم لا يفعلون ذلك، لأنهم ضد الاستبداد والعنف، ولكن لأنه وقع عليهم فقط، وبالتالي، حينما يقع على أحد غيرهم معارض لهم، فوقتها يمكن أن يجدوا له ألف مليون تبرير.
 
بالمناسبة أنا أعارض ما فعله الأكراد ضد الدولة السورية، حينما تحالفوا مع أمريكا وإسرائيل وقوى أخرى، وحاولوا الانفصال. أؤيد تماماً حصولهم على حقوقهم الثقافية والسياسية، لكن أرفض تماماً انفصالهم عن الدولة السورية.
 
لكن الحسكة وعفرين والقامشلي هي مدن سورية يعيش فيها الأكراد منذ آلاف السنين، ولا يمكن قبول غزوها وإحلال سكان عرب أو غير عرب محل الأكراد، لمجرد أن أردوغان يريد حل مشكلة اللاجئين السوريين في بلاده لحسابات انتخابية مقبلة أو للفصل بين أكراد سوريا وأكراد بلاده.
 
المبادئ والأخلاق والقيم لا تتجزأ. والإخوان سقطوا سقوطاً خطيراً في امتحان أردوغان الأخير!
 
*البيان