واشنطن تحمّل "أبراهام لينكولن" رسالة إلى الإيرانيين: لن تفرضوا "سلامكم" الخاص في هرمز

وجّهت الولايات المتّحدة بإرسالها حاملة الطائرات أبراهام لينكولن إلى مضيق هرمز رسالة مزدوجة، مفادها أنّ واشنطن لا تعتزم التخلّي عن التزامها التاريخي بقيادة عملية تأمين منطقة الخليج رغم التذبذب الشديد في سياسات الرئيس دونالد ترامب، وأنّها لن تسمح لإيران بفرض تصوّرها الخاص للسلام في تلك المنطقة.
 
وجاء عبور القطعة البحرية الأميركية الضخمة والمجموعة المرافقة لها مضيق هرمز هذا الأسبوع، بعد أن عرضت طهران على دول المنطقة ما سمّته مبادرة للسلام تقوم على استثناء القوى العالمية من عملية تأمين المنطقة.
 
وحملت المبادرة التي وضعت تحت عنوان “مبادرة هرمز للسلام” مفارقة كبرى تتمثّل في كون مصدر الاقتراح هو نفسه مصدر التهديد والتوتّر في الممر البحري الاستراتيجي، في نظر بلدان المنطقة ومعظم بلدان العالم.
 
وفي استعراض للقوة، عبرت حاملة الطائرات والسفن الأخرى المضيق الاستراتيجي على الرغم من أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رأى في تغريدة الشهر الماضي أنّ الانخراط في الشرق الأوسط كان “أسوأ قرار في تاريخ الولايات المتحدة”.
 
ومنذ ذلك الحين، قامت القوات الأميركية بعدة خطوات لتأكيد دورها التاريخي في المنطقة التي تقيم فيها واشنطن علاقات وطيدة منذ عقود. فقد أجرت تمارين ضخمة وأعلنت عن زيادة عدد جنودها وأنشأت تحالفا بحريا مقرّه مملكة البحرين لحماية خطوط الملاحة في المياه المضطربة.
 
وبحسب وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، يعود آخر عبور لحاملة طائرات أميركية لمضيق هرمز إلى شهر أبريل الماضي. وتشهد المنطقة منذ شهر مايو الماضي توترا على خلفية هجمات غامضة ضد ناقلات نفط وضربات بطائرات مسيّرة وصواريخ ضد منشآت شركة أرامكو النفطية السعودية أُلقي باللوم فيها على إيران التي نفت أي دور لها.
 
ولكن على الرغم من هذه الحوادث، وبينها إسقاط طائرة مسيّرة أميركية، تجنّبت الولايات المتحدة الردّ بالمثل، مفضّلة على ما يبدو العمل بطريقة أبعد مدى وأطول نفسا.
 
ونقلت وكالة فرانس برس عن أندرياكس كريغ، الباحث المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة كينغز كولدج البريطانية، قوله إنّ إرسال حاملة الطائرات عبر مضيق هرمز “يوجّه بالتأكيد رسالة حزم وقوة بعد أشهر من أعمال التصعيد الإيرانية التي أهانت الولايات المتحدة”.
 
ووفقا للبحرية الأميركية، فإن عبور مجموعة حاملة الطائرات المضيق الاستراتيجي الذي يفصل بين إيران والجزيرة العربية ويبلغ عرضه 50 كيلومترا، كان مقررا مسبقا وتم من دون أي حوادث.
 
ورغم تذبذب الرئيس ترامب لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بنحو ستين ألف جندي في المنطقة والعديد من القواعد وبينها مقر الأسطول الخامس في البحرين.
 
وقالت وزارة الدفاع الأميركية إنّها بصدد إرسال آلاف الجنود إلى السعودية لحمايتها من التصرفات الإيرانية المزعزعة للاستقرار، للمرة الأولى منذ مغادرتها في 2003.
 
واعتبر ألكسندر ماتريسكي الخبير في شؤون الدفاع في الشرق الأوسط أنّ “من المؤكد أن الولايات المتحدة لن تغادر الخليج”، مضيفا “التواجد الأميركي المستمر في المنطقة أمر منطقي”.
 
وفي بداية الشهر الحالي، استضافت القوات الأميركية مجموعة من الصحافيين في قاعدة بمملكة البحرين لحضور تمرين عسكري شاركت فيه أكثر من ستين دولة على بعد كيلومترات من إيران. ونُقل الصحافيون في مروحية بلاك هوك إلى متن سفينة بريطانية لحضور تدريب على تتبّع الألغام البحرية وتفكيكها.
 
وبعد يومين، من ذلك، شارك مسؤولون عسكريون أميركيون وغربيون وخليجيون رفيعو المستوى في إطلاق تحالف بحري للتصدّي للهجمات في الخليج.
 
وحمل كلا الحدثين بحسب المسؤولين الأميركيين رسالة واحدة. وقال ألفين هولسي قائد التحالف المولود حديثا خلال حفل إطلاقه بشكل رسمي “التزامنا في المنطقة ليس قصير الأمد، بل مستمر. سنعمل طالما كانت هناك حاجة لنا، وطالما أنّ التهديد في البحر مستمر”.