بن دغر فتح ملفات الفوضى و«الضياع» وخلافات الرئاستين في عدن

وصف الدكتور أحمد عبيد بن دغر، من مقر إقامة وضيافة في الرياض، وضعاً "معقداً جداً"- في عدن خاصة؛ يسوده الارتباك وفوضى السلاح وتناقض الرئاستين.. هادي وبحاح.

نظرياً، على الأقل، يقاس الدكتور بن دغر بوصفه واحداً من أبرز الوجوه والأسماء السياسية اليمنية المتواجدة في الرياض، والمقربة من عبدربه منصور هادي، والمعتمد سعودياً ضمن مجموعة محدودة من "البدلاء" المشمولين بأفضليات الترجيح (المراوح)، أقله حسبما توحي الأدوار المسندة إعلامياً.

لم تغب تفاصيل دقيقة وملامح عميقة تؤشر بقوة إلى ما يعتمل ضمن دائرة محالفي الرياض وحلفاء التحالف السعودي، في حديث السياسي اليمني بعد 7 أشهر إلا أياماً من بدء الحرب السعودية على اليمن وحرائق حروبها الداخلية في اليمن.

مساء الجمعة 16 أكتوبر تشرين أول 2015، عبر شاشة قناة "اليمن" النسخة المستحدثة سعودياً للمسمى الرسمي وتبث من الرياض، تحدث بإسهاب عن الجماعات المتماهية مع المشاريع الخاصة والكيانات القتالية التي تتنازع خارطة قوى متباينة على أرضية مائعة.. "المقاومة".

أقر الرجل (قصداً أو تضميناً على سبيل القصد من طريق دائري) أو لنقل أعاد تأكيد وعرض مزيج الفوضى والفلتان وانعدام الرؤية وغياب أدنى مستويات التنسيق بين مكونات السلطة/ السلطات واعتمالات مجنحة ومتضادة اتجاهاً وتوجهات، في عدن خصوصاً ومناطق التواجد العسكري لقوات التحالف السعودي - أو بتعبيره "المناطق المحررة".

ولكن أي محررة وأي تحرير، عندما يقول: "الوضع معقد جداً.. واحتمالات الذهاب إلى النموذج الليبي واردة" (..)

من المحتمل أن يكون ظهور بن دغر، توقيتاً ومنبراً، بدفع وإلحاح سعودي. أو ربما بإلحاح من هادي الذي لن يخرج عن الإيعاز والضغط السعودي حيال من يوصفون برجاله أو دائرة مقربيه. وهادي هو الآخر لا يبرأ من شكوك مزمنة حيال بن دغر رافقته مبكراً من صنعاء باحتسابه الأخير على صالح أولاً والآن على بحاح الخصم لهادي. باعتبار الانتماء الجغرافي أولاً، كما صرحت أو ألمحت إلى هذا كتابات وتصريحات مقربين من هادي على رأسهم رياض ياسين.

 ولا تكف الشكوك والهواجس تؤرق السعوديين، حيال الولاء ونقاء الموثوقية، وتلح على القيادات اليمنية لديها بطلب "إثبات نوايا وحسم مواقف" بطريقة حاسمة (..).

وربما ينظر، أيضاً، من هذه الزاوية، إلى حركة سابقة وأخيرة، تصدرها بن دغر أو دفع لصدارتها، مساء الاثنين 12 الجاري، عبر مشهد تجميعي وقيل عنه "تلفيقي"؛ تحلق شخوص حول طاولة باسم قيادات مؤتمرية أقرت فصل صالح (..) وتوقيتاً جاء الإعلان متسارعاً عقب بث اللقاء الأخير والمدوي لصالح مع "الميادين" آخذاً شكل ردة فعل على اللقاء.

وأياً كان الأمر، فإن صفوة كلام بن دغر إلى مسائلته سونيا مريسي تصب في خانة كشف المكشوف وإعادة تدوير وإعلان المعلن سلفاً، جهة الأوضاع المتردية جداً والمعقدة جداً في عدن؛ المدينة والجبهة الوحيدة / الرئيسة التي تحتسبها قوات التحالف السعودي مكسباً من سبعة أشهر حرب غير مسبوقة.

إذ يؤكد بن دغر أن الوضع معقد جداً في المناطق التي "حررت"، لا يفوته التأكيد أن الحكومة ومؤسسات الدولة غير متواجدة فيها. وحذر من سيناريو النموذج الليبي في عدن خصوصاً؛ لانتشار المسلحين والجماعات التي لديها أهدافها الخاصة قاتلت لأجلها. داعياً الرئاستين (الجمهورية والحكومة) إلى سرعة التوافق.

ويعيد التأكيد على تباينات وتناقضات الرئيس ونائبه الذي هو رئيس الحكومة (التوافقية افتراضاً)، مشدداً على ضرورة توحيد المواقف بين رئاسة الجمهورية ممثلة بهادي ورئاسة الحكومة ممثلة ببحاح.

أضاف بن دغر: "أن الوضع المعقد يزداد سوءاً في المناطق المحررة خصوصاً مع وجود أطراف تتملك السلاح غير السلطة، ولا وجود للسلطة ولا للدولة".

يقول أيضاً: إن الوضع المضطرب للغاية بتلك المناطق مرجعيته عدم حضور مؤسسات الدولة فيها.

للتذكير، أن بن دغر يتحدث عن مدينة "محررة وتخضع للسلطة الشرعية" على رأي تحالف الحرب / العدوان، في الوقت نفسه الذي تتواجد بكثافة "قوات التحالف السعودي"!

وزيادة في التوكيد يسترسل في الشرح حول انعدام الاتفاق "بين مكونات وفصائل المقاومة نفسها".

ويكشف في السياق خلافات حول معايير وأرقام تجنيد وضم المسلحين إلى الجيش والأمن بأمر من عبدربه منصور. بحسب بن دغر جرت أحاديث عن عدد خمسة آلاف عنصر، ثم عشرين ألفاً، وصولاً إلى ثمانين ألف مسلح (..) ويردف: "أعتقد أن هناك مبالغات كبيرة" من الأطراف.

يتحدث بن دغر، أيضاً، عن الحاجة إلى فترة انتقالية، متمنياً أن لا تطول زماناً ويفضلها حتى بالأيام لا غير. لكنه يعود إلى التأكيد على حالة الفوضى والفراغ في عدن خاصة ويحذر من احتمالات الذهاب إلى النموذج الليبي. ويضغط على مخارج الحروف جيداً عند هذه العبارة المكررة: "الدولة ضائعة ولا تملك حتى الآن أي مقومات لنهوضها بالمناطق المحررة".

معظم من تصفهم سلطة ورئاسة عبدربه منصور هادي في الرياض، هم تقريباً لا يكادون يخرجون في كلامهم وردودهم عن هذه المعطيات التي عرضها بطريقة ملخصة وغير مخلة الدكتور بن دغر من الرياض.