النازحون في تعز.. من جحيم الحرب إلى نار المعاناة

يعيش النازحون اليمنيون في مدينة تعز أوضاعا انسانية صعبة فرضت عليهم العيش بالعراء.. ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة في أماكن نزوحهم، في ظل عجز السلطات الحكومية والمنظمات الإنسانية والاغاثية المحلية والدولية عن تقديم المساعدات الإنسانية.

 

المواطن اليمني نازح، غادر بيته مهاجراً وترك كل شيء فقط لينجو بأطفاله وكل أسرته من الموت جراء حرب قادتها السعودية وحلف مكون من 17 دولة على وطنه في حرب عبثية لا ناقة له فيها ولاجمل.. خرج من منزله رغماً عنه بثيابه التي يرتديها.. لايملك شيئاً عدا متاعٍ قليل لا يكاد يذكر.. رحل وقد امتلأت نفسه بالجراح.. بعد أن فقد الكثير مما بناه طول عمره ليذهب إلى مكان آخر بعيداً عن الصواريخ والقنابل والقذائف المتساقطة لتبدأ معاناة جديدة لا آخر لها.

 

وتقدّر المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة ان عدد النازحين داخليا جراء الحرب في اليمن أكثر من ثلاثة ملايين في البلاد.

 

وتواجه الآلاف من الاسر النازحة من مديريات "المخا وذباب وموزع والوازعية" الواقعة على الساحل الغربي لمحافظة تعز المطل على البحر الأحمر (غرب البلاد) أوضاعا صعبة بعد ان شردتهم الحرب، نتيجة افتقارِها لأدنى مقومات الحياة وتعاظمت معاناتهم وتضاعفت نظراً لتوقف المرتبات منذ ما يقارب العام.

 

لوحظ تدهور الأوضاع الإنسانية جراء تضاعف أعداد النازحين في المديريات الواقعة في الساحل الغربي، مع اصرار تحالف العدوان السعودي عبر ادواته من المقاتلين المرتزقة المحليين وبإسناد القصف الجوي على احتلال سواحل البحر الأحمر كانت نتيجتها التشريد للمدنيين واذاقتهم صنوف العذاب، يقابل ذلك مقاومة شرسة وصمود اسطوري من قبل قوات الجيش اليمني واللجان.

 

وخلال الأشهر الماضية، استقبلت المديريات الآمنة في تعز ومحافظة الحديدة آلاف النازحين الذين فروا من القتال، فيما اتجه آلاف آخرون صوب محافظات لحج وإب وذمار وصنعاء.

 

واستقرت الآلاف من الأسر القادمة من الساحل الغربي في عدد مناطق من ضمنها الكدحة والوازعية والمشاولة العليا بالمعافر وفي المضاربة بلحج والحديدة ومناطق أخرى مع غياب مخيمات الإيواء والخدمات الطبية، باتت الكثير من الأسر النازحة عرضة للأمراض والأوبئة.

 

مخيمات بدائية وعشوائية غير منظمة يتجسّد فيها التشرد بكل معانيه، يقضي الكثير من أرباب الأسر النازحة فيها دون تناول الطعام، لأنهم يعطون الأولوية لأبنائهم، وبعض الرجال ينامون في العراء، من يشاهدهم يرى أكواما من الأجساد المنهكة مرمية تحت الأشجار.. حفاة عراة فارين من الموت قتلا الى الموت جوعا.

 

كل نازح يكِدُّ نهاراً ليبحث عن لقمة عيش له ولأطفاله، ويسهرُ ليلاً ليتتبع أخبار أهله وأصدقائه وبيته الذي ترك بعضهم في مسقط رأسه جراء هذه الحرب الملعونة، كل خيمة صغيرة لأسرة نازحة هي مأساة متنامية، وهي غيض من فيض للمئات من الخيام المنسية التي تتزايد أعدادها يوماً تلو آخر في ظل استمرار الحرب والحصار التي تشنها دول التحالف الذي تقوده السعودية منذ 26 مارس 2015.

 

وعلى الرغم من العدد الكبير للأسر النازحة، إلا أن المئات من الأسر ظلت عالقة في مناطق المعارك فضلت الموت على ان تغادر المنازل او الهجرة الى مناطق أخرى للعيش في العراء، يفترشون الأرض ويلتحفون "طرابيل زرقاء" وخيمة صغيرة تقبع داخلها اسرة كاملة بكل افرادها تواجه خطر الموت جوعا ومرضا جراء انعدام المأكل والمشرب والملبس، إضافة إلى نقص الأدوية والخدمات الصحية، دون وجود أدنى مستويات الحياة الآدمية.

 

حلقة من عدة حلقات ومعاناة لاحدود لها نعجز عن وصفها، أسر بأكملها جائعة لاتجد قوت يوم واحد، آباء يبحثون عما يسد رمق أبنائهم، في وجوههم ملامح الخيبة ودموع تسيل من اعينهم المنكسرة وقلوب طافحة بالألم والوجع، اليأس يحيطهم من كل جانب جراء وعود زائفة ومتكررة بقرب وصول حملات إغاثية لمساعدتهم ذهبت ادراج الرياح.

 

وناشد عدد من النازحين في اتصالات مع وكالة "خبر"، المنظمات الانسانية الدولية تقديم المساعدات الاغاثية والتموينية والطبية لهم كون مدة نزوحهم طالت وعدم وجود أي مصدر لإعالة اسرهم وهم بعيدون عن منازلهم ومساكنهم حيث كانوا يعتمدون على الصيد والزراعة ورعي المواشي قبيل العدوان السعودي والحرب التي تزامنت مع تجاهل حكومي من قبل طرفي الصراع.

 

واشتكوا خلال افاداتهم، من الأوضاع الصعبة والمأساوية التي يعيشونها جراء انعدام الغذاء والدواء وغياب الرعاية من قبل حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي ومنظمات الدولية المعنية بإغاثة النازحين.

 

وكالة "خبر" تنشر جزءاً من مأساة النازحين في تعز:

 

- المخا

غادرت المئات من الأسر من مناطق الزهاري والكديحة والشاذلية ويختل بمديرية المخا الى مديريات حيس والخوخة والجراحي بمحافظة الحديدة.

 

وأصبحت مناطق الزهاري والكديحة والشاذلية ويختل بمديرية المخا، خطوط تماس لطرفي الحرب - قوات الجيش اليمني واللجان من جهة ومجاميع المرتزقة المدعومين من تحالف العدوان السعودي من جهة ثانية.

 

- ذباب

تركت مئات الأسر منازلها في مناطق عدة من مديرية ذباب خلال تصاعد المعارك خلال العامين الماضيين الى مديرية الخوخة ومناطق أخرى بالحديدة وصنعاء وإب وبعضها غادرت للنزوح عبر البحر الأحمر الى دولتي جيبوتي واثيوبيا.

 

وأكد مصدر محلي في تصريح لوكالة "خبر"، إن مجاميع المرتزقة المدعومين من تحالف العدوان السعودي منعت خلال الشهر الجاري العشرات من الآسر النازحة في الحديدة من العودة الى مساكنهم بدون أي أسباب تذكر.

 

- موزع

وعلى صلة، قال عبد الكريم حيدر مدير مديرية مزوع في حديثه لوكالة "خبر"، ان مركز مديرية موزع وقرى السفاليه والحد والموسنة والحجفه، نزح منها 535 اسرة وتوزعت على 4 محافظات صنعاء 135اسرة وتعز 251 أسرة ثلثان منهم بمديرية المخا المجاورة وفي محافظة اب 110 أسر والحديدة 35 أسرة وبقية العدد موزعون على محافظات عدن وأبين ولحج وذمار وحجة.

 

وأوضح، أن عزلة الهاملي وقرية الهاملي السوق وقرى السلطنة والسوهره والقمارى وقرية جسر رسيان نزح منها 335 أسرة نزح نصف هذا العدد الى القرى المجاورة شرق عزلة الهاملي والى مناطق أخرى بمديرية موزع بعيدا عن مناطق المعارك، والنصف الآخر نزح الى مديرية المخا ومنطقة ماوية والحوبان بمدينة وآخرون ذهبوا الى مديريات بمحافظة الحديدة.

 

وأضاف، أن 220 أسرة نزحت بالكامل من عزلة العوشقه بما فيها مفرق المخا الى منطقة القاعدة محافظة اب ومنطقتي ماوية والحوبان بمدينة تعز، لافتاً أن هناك نزوحا داخليا في نطاق مديرية موزع ومركزها.

 

وأكد مدير مديرية موزع أن النازحين القابعين في إب وتعز لم يتلقوا أي اغاثات من أي جهة كانت، ونازحي صنعاء حصلوا على 200 سلة من جمعية الصالح تم توزيعها بنظرنا قبل عيد الأضحى. ودعا المنظمات الدولية تقديم المساعدات الإغاثية والتموينية والعلاجية لنازحي موزع القابعين في إب والحوبان بتعز.

 

- الوازعية

أكد مسؤول في السلطة المحلية في اتصال اجراه محرر وكالة "خبر"، أن الشقيراء مركز مديرية موزع وعزلة المشاولة أكبر عزلة في المديرية نزحت منها المئات من الأسر بكل أفرادها ما يقارب نحو 90% من سكان القرى والمناطق الى مناطق البرح والكمب بمقبنة والحجرية والشمايتين في نطاق محافظة تعز والى منطقتي حيس والجراحي بمحافظة الحديدة والى مخيمات للنازحين في منطقتي المضاربة وملبيه برأس العارة بمحافظة لحج.

 

وأضاف، أن المئات من الأسر نزحت جراء الحرب من عزلة الظريفة بمديرية الوازعية ما يقارب 30 % من سكان العزلة الى مناطق البرح والكمب ومقبنة والحجرية. وأشار، أن جميع النازحين لم يتلقوا أي مساعدات اغاثية ماعدا النازحين في منطقتي البرح والكمب حيث حصلوا على سلال غذائية قبل عدة أشهر من منظمات دولية.

 

- الصلو

أكد مسؤول محلي في تصريح لوكالة "خبر"، أن المئات من الأسر المكونة من رب الاسرة والابن والبنت والزوجة تركت منازلها من قرى الشرف والحود والصيار والبطنية وحمده والصعيد والصيرتين في مديرية الصلو وغادرت الى القرى الآمنة والمجاورة وأخرى ذهبت الى مدارس حكومية ومنازل في الدمنة مركز مديرية خدير ومديرية سامع.

 

وأشار، الى أن اعداد النازحين من الصلو يقدر 3 الاف نازح جراء الحرب الدائرة في القرى ومناطق المواجهات.