نهاية شهر التعاون.. بيونغ يانغ غاضبة من فرض واشنطن شروطاً على "طريقة العصابات" دون تنازلات

قالت كوريا الشمالية السبت 7 يوليو/تموز 2018، إن عزمها على التخلي عن برامجها النووية ربما يفتر، بعد المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في بيونغ يانغ، بما يتناقض مع تصريحات بومبيو، الذي رحَّب بإحراز تقدُّم «في كل القضايا الرئيسية تقريباً».
 
ويضفي التناقض بين تصريحات بيونغ يانغ وواشنطن غموضاً على مستقبل المفاوضات، مما يثير تساؤلات عن التزام كوريا الشمالية بالتخلي عن برامجها النووية التي طورتها عقوداً وتعتبرها ضرورية لبقائها.
 
وأجرى بومبيو محادثات استمرت يوماً ونصف اليوم في بيونغ يانغ؛ سعياً لوضع التفاصيل الخاصة بكيفية تفكيك برامج كوريا الشمالية النووية، بما في ذلك الجدول الزمني لنزع الأسلحة النووية وخطة إعلان المرافق المتصلة بها.
 
وبثت وكالة الأنباء المركزية الكورية بياناً لمتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية، قال فيه إن نتيجة المفاوضات «مقلقة للغاية»، وإن بيونغ يانغ «تأسف» لموقف الجانب الأميركي وسلوكه.
 
واتهم المتحدث وفد بومبيو بالإصرار على نزع السلاح النووي بصورة أحادية وكاملة ويمكن التحقق منها ولا يمكن التراجع عنها، بما يتناقض مع روح القمة غير المسبوقة، التي عُقدت بين زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون والرئيس الأميركي دونالد ترامب بسنغافورة في 12 يونيو/حزيران 2018.
 
طلب على طريقة العصابات
 
وقال المتحدث: «توقعنا أن يأتي الجانب الأميركي بفكرة بنّاءة على اعتبار أننا سنأخذ شيئاً في المقابل».
 
واستدرك قائلاً: «لكنّ الجانب الأميركي لم يطرح إلا طلبه الأحادي، على طريقة العصابات، لنزع السلاح النووي بصورة كاملة ويمكن التحقق منها ولا يمكن التراجع عنها».
 
وأوضح المتحدث أن «أسرع طريقة» لتحقيق إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية تكون عبر منهج على عدة مراحل، يتخذ خلالها الجانبان خطوات متزامنة.
 
واستدرك: «لكن خلال المحادثات رفيعة المستوى، وصلت الثقة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة إلى وضع خطير، ربما يفتر معه عزمنا الثابت والراسخ بشأن نزع السلاح النووي بدلاً من ترسيخ الثقة بين جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية والولايات المتحدة».
 
ولم يرِد حتى الآن تعليق من وزارة الخارجية الأميركية على هذا البيان.
 
جميع القضايا المحورية
 
لدى مغادرته بيونغ يانغ، السبت 7 يوليو/تموز 2018، قال بومبيو إنه أحرز تقدُّماً «بجميع القضايا المحورية تقريباً» في المحادثات مع كوريا الشمالية، وضمن ذلك وضع جدول زمني لنزع سلاحها النووي على الرغم من أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين إنجازه.
 
وقال بومبيو للصحفيين إنه أمضى «فترة لا بأس بها» في مناقشة الجدول الزمني وإعلان مواقع بيونغ يانغ النووية والصاروخية.
 
وذكر تقرير مشترك أصدره الصحفيون المرافقون لبومبيو، أنه قال: «هناك قضايا معقدة، لكننا أحرزنا تقدماً في جميع القضايا المحورية تقريباً. حققنا تقدماَ كبيراَ في بعض المجالات، في حين ما يزال هناك حاجة لمزيد من العمل في مجالات أخرى».
 
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت، إن بومبيو لم يلتقِ كيم كما فعل في الزيارتين السابقتين لبيونغ يانغ في العام الحالي (2018)، لكنه نقل له خطاباً من ترمب.
 
وقبل مغادرته، تسلَّم بومبيو رسالة من كيم إلى ترمب، سلمها له مضيفه وشريكه في المحادثات كيم يونغ تشول، وهو أحد كبار مسؤولي الحزب الحاكم ورئيس المخابرات السابق الذي لعب دوراً مهماً في ترتيب قمة سنغافورة.
 
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية إن كيم جونغ أون عبَّر في الخطاب عن «توقعاته وقناعاته» بشأن ترسُّخ شعور حسن النية بين القائدين من خلال حوارات مستقبلية.
 
وقال المتحدث: «ما زلنا نحسن الظن بالرئيس ترامب» لكنه حذر من تكرار إخفاقات سابقة.
 
وأضاف «يتعين على الولايات أن تفكر بجدية فيما إذا كانت الاستجابة للضغوط بما لا يتفق مع إرادة القائدين ستفي بطموحات وتوقعات شعوب العالم وأيضا بمصالح البلاد».
 
التزام متبادل
 
كان كيم قد أبدى التزاما فضفاضا في سنغافورة «بالعمل نحو إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي» لكنه لم يقدم تفاصيل عن كيفية وتوقيت تفكيك كوريا الشمالية لبرنامجها للأسلحة النووية في حين تعهد ترامب بألا يسمح له بتهديد الولايات المتحدة.
 
وقالت ناورت إن بومبيو كان «صارما جدا» فيما يتعلق بتلك الأهداف الأساسية وهي نزع السلاح النووي بالكامل من كوريا الشمالية والضمانات الأمنية وإعادة رفات الجنود الأمريكيين الذين لقوا حتفهم في الحرب الكورية في الخمسينيات.
 
وقال بومبيو إن الجانبين اتفقا على إجراء محادثات يوم 12 يوليو تموز بشأن إعادة رفات الجنود الأمريكيين الذين لقوا حتفهم في الحرب الكورية. وأضاف أنهما ناقشا أيضا «أنماط» تفكيك منشأة اختبارات لمحركات الصواريخ.
 
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية إن الشمال عرض أيضا مناقشة إعلان إنهاء الحرب بالتزامن مع ذكرى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الشهر المقبل لكن الجانب الأمريكي لم يبد اهتماما يذكر بالأمر وتذرع «بشروط معينة وأعذار».
 
وردا على سؤال بشأن تقارير استندت إلى تقييمات للمخابرات الأمريكية خلصت إلى أن كوريا الشمالية لا تزال تطور منشآتها النووية حتى على الرغم من مشاركتها في المحادثات، قال بومبيو «تحدثنا بشأن ما تواصل كوريا الشمالية فعله وكيف يمكن أن نلتف حول تحقيق الهدف الذي اتفق عليه الزعيم كيم والرئيس ترامب معا وهو النزع الكامل لسلاح كوريا الشمالية النووي». وأضاف «لا أحد ابتعد عن ذلك. ما زالوا على نفس الدرجة من الالتزام، الزعيم كيم… لا يزال ملتزما».
 
وقالت ناورت إن اجتماع 12 يوليو تموز، الذي قال بومبيو إنه سيجرى على الحدود بين الكوريتين سيشارك فيه مسؤولون من وزارة الدفاع الأمريكية.
 
وأكد بومبيو أن ترامب «ملتزم بمستقبل أكثر إشراقا لكوريا الشمالية».
 
وسوف تتابع دول المنطقة عن كثب التطورات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بومبيو سيلتقي برئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وبنظيريه الياباني والكوري الجنوبي في طوكيو الأحد.